إن الماء لا يجهله أي إنسان، وهذا مما نعرف به فساد ما يُسمى علم المنطق، والمناطقة إنما جاءوا بهذا العلم لمواجهة مجانين السفسطة الذين أنكروا حقائق الأشياء، فتثبت لهم الحقائق عن طريق التعريف العقلي المنطقي، حتى يؤمنوا بها ويثبتوها، هكذا كَانَ يريد علماء اليونان لمَّا وضعوا علم المنطق.
والمنطق قسمان:
القسم الأول: الحدود وهو هذا الذي تكلم عنه المُصنِّفُ هنا.
والقسم الثاني: في البراهين عَلَى صدق القضايا.
وخلاصة ما سبق أن المحبة أوضح وأجلى من أن تعرف أو يكون لها حد، فمحبته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هي عَلَى المعنى الذي يليق بجلاله مثل سائر صفاته، ومحبة المخلوقين له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى معروفة ولا تحتاج إِلَى إيضاح ولا تحديد ولا تقييد.
قالأبو جعفر الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ:
[وتعالى عن الحدود والغايات، والأركان والأعضاء، والأدوات، لاتحويه الجهات الست كسائر المبتدعات] .
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[أذكر بين يدي الكلام عَلَى عبارة الشيخ رَحِمَهُ اللهُ مقدمة، وهي: أن للناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال: فطائفة تنفيها، وطائفة تثبتها، وطائفة تفصل، وهم المتبعون للسلف، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا بين ما أثبت بها فهو ثابت، وما نُفي بها فهو منفي؛ لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي، ولهذا كَانَ النفاة ينفون بها حقاً وباطلاً، ويذكرون عن مثبتيها مالا يقولون به، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنىً باطلاً مخالفاً لقول السلف، ولما دل عليه الكتاب والميزان.