ولذلك لما قَالَ المُصْنِّفُ هنا: [وإن كَانَ قد أطلقه بعضهم] يقصد الصوفية، ثُمَّ يذكر أن العلماء أو الباحثين اختلفوا في سبب منع اطلاق العشق عَلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى منه وإليه، فقيل: لأنه لم يرد وهذا كلام صحيح.

وقيل: غير ذلك، ولعل امتناع إطلاقه أن العشق محبة مع شهوة، ولا تعارض بين السببين؛ لأنه أولاً: لم يرد، وما لم يرد لا نطلقه عَلَى الراجح، والأمر الثاني أيضاً: أن العشق كما بينا لا يكون إلا مع الحب الشهواني الإباحي، فهذه اللفظة مستهجنة ومستقذرة في حق الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فلا يجوز أن تطلق عليه.

التَّتِّيم

المرتبة الثامنة: وهو بمعنى التعبد، وكأن محبة المحبوب قد استعبدت هذا المحب حتى صار متيماً وكثيراً ما ترد هذه الكلمة أيضاً في أشعار العرب، وفي أخبار العشاق، فيُقَالُ: متيم بها، أو تيمتني، ومن أشعار الصوفية في مجالسهم: تيموني هيموني، أي جعلوني متيماً متعلق القلب ... الخ.

وتَيَّم: معناها عَبَّد، ولذلك يُقَالَ: بنوا تيم الله، وتيم الله قبيلة من أحد أفخاذ قريش التي منها أبو بكر الصديق رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فتيم الله معناها: عبد الله، وفلان متيم بالحب أي: مستعبد بالحب وصلت به محبته إِلَى درجة العبودية للمحبوب.

التعبد

المرتبة التاسعة التعبد: ومعناها أن يصل به الحب إِلَى أن يتعبد تعبداً ويقول إنه عبد، كما في البيت المشهور عن عنترة بن شداد:

وأنا يا عبل عبد في الهوى ملك يمناك وفي القرب ابن عم

يعني هو ابن عمها في النسب، ولكنه في الحب عبد، وكثيراً ما يذكر ذلك الشعراء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015