[ثبت له صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أعلى مراتب المحبة وهي الخلة، كما صح عنه صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (إن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً) وقَالَ: (ولو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن صاحبكم خليل الرحمن) والحديثان في الصحيح وهما يبطلان قول من قَالَ: الخلة لإبراهيم والمحبة لمحمد، فإبراهيم خليل الله ومُحَمَّد حبيبه.
وفي الصحيح أيضاً: (إني أبرأ إِلَى كل خليل من خلته) والمحبة قد ثبتت لغيره، قال تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [آل عمران:134] ، فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ [آل عمران: 76] ، إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة: 222] .
فبطل قول من خص الخلة بإبراهيم والمحبة بمحمد، بل الخلة خاصة بهما، والمحبة عامة، وحديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي رواه التِّرْمِذِيُ الذي فيه: (إن إبراهيم خليل الله ألا وأنا حبيب الله ولا فخر) لم يثبت.
والمحبة مراتب:
أولها: العَلاقَةُ، وهي تعلق القلب بالمحبوب.
والثانية الإرادةُ، وهي ميل القلب إِلَى محبوبه وطلبه له.
الثالثة: الصَبابةُ، وهي انصباب القلب إليه بحيث لا يملكه صاحبه، كانصباب الماء في الحدور.
الرابعة: الغَرَامُ، وهي الحب اللازم للقلب ومنه الغريم لملازمته، ومنه: إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً [الفرقان:65] .
الخامسة: المَوَدَّةُ، والود، وهي صفو المحبة وخالصها ولبها، قال تعالى: سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً [مريم: 96] .
السادسة: الشَّغَفُ، وهي وصول المحبة إِلَى شغاف القلب.
السابعة: العِشقُ، وهو الحب المفرط الذي يخاف عَلَى صاحبه منه، ولكن لا يوصف به الرب تَعَالَى ولا العبد في محبة ربه وإن كَانَ قد أطلقه بعضهم، واختلف في سبب المنع، فقيل: عدم التوقيف، وقيل: غير ذلك، ولعل امتناع اطلاقه: أن العشق محبة مع شهوة.