والآجال والأرزاق قد قدرت وكتبت كما جَاءَ في الحديث الصحيح الآخر، يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن روح القدس -وهو جبريل عَلَيْهِ السَّلام- نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) ، أي: إذا طلب الواحد شيئاً من أمور الدنيا فليطلبه بإحسان وليجمل في الطلب ولا يلح؛ فإنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها حتى آخر لحظة من لحظات الدنيا وهي ساعة الاحتضار فإن بقي له في تلك الساعة لقمة من طعام أو شربة من حساء أخذها، وكذلك العمر لن تموت نفس حتى تستوفي ما كتب الله لها من العمر وإن كَانَ لحظة واحدة أو نفساً واحداً، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد أحصى كل شيء، وهو العليم بكل شيء، وهو الذي قدر مقادير كل شيء، طويت الصحف ورفعت الأقلام، وما عَلَى العباد إلا التسليم والانقياد والإذعان والإيمان بكل ما يقدره الله عَزَّ وَجَلَّ ويقضيه.

أما حديث أم حبيبة بنت أبي سفيان - رَضِيَ اللهُ عَنْهُما - فهو حديث صحيح، وقد دعت الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وسمعها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهى تدعو الله أن يمتعها بزوجها رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبأبيها وبأخيها، وهكذا النفس البشرية تتمنى وتتعطش إِلَى الخلود، وتدعو وترجو أن تخلد أو يخلد من تحب، وهذا شيء موجود في النفس البشرية، وليس هذا بذاته بمحظور مادام أن الله تَعَالَى قد جعله، وله فيه حكم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015