[يعني: أنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى موصوف بأنه محيي الموتى قبل إحيائهم، فكذلك يوصف بأنه خالق قبل خلقهم، إلزاماً للمعتزلة ومن قال بقولهم، كما حكينا عنهم فيما تقدم. وتقدم تقرير أنه تَعَالَى لم يزل يفعل ما يشاء] اهـ.
الشرح:
إن الله -عَزَّ وَجَلَّ- يخلق هذه الأجيال جيلاً بعد جيل، ثُمَّ يجمع الأولين والآخرين، ويحي الموتى سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومع ذلك نصفه الآن بأنه محيي الموتى، قبل أن يحييهم، وكذلك نصفه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأنه الخالق، قبل أن يخلق هذا الكون، وهذا هو المقصود والمراد؛ أن الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- موصوف بصفات الكمال في الأزل، وهو سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى متصفاً بها حتى قبل أن يخلق هذه الأعيان المشهودة المرئية لنا، وهذا إلزام للمعتزلة ومن قال بقولهم.
وقد تقدمت مسألة أن الخلق متعلق بالإرادة، وكذلك أن كلام الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- متعلق بالإرادة، والمعتزلة والرافضة وأمثالهم خالفوا في الإرادة، إرادة الفعل، وإرادة الكلام، أما الأشعرية فإنما خالفوا في الإرادة فقط، وَقَالُوا: إن الكلام أزلي قائم بالنفس، وسيأتي تفصيل هذا الكلام إن شاء الله تعالى.
والمقصود: أن هذا إشارة إِلَى ما سبق في شرح الفقرة الثالثة عشر، عندما ذكرنا هنالك المذاهب في قدم صفات الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وفي أزليتها.
قال الإمام الطّّحاويّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[ذلك بأنه عَلَى كل شيء قدير، وكل شيء إليه فقير، وكل أمر عليه يسير، لا يحتاج إِلَى شيء، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير] .
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[ذلك إشارة إِلَى ثبوت صفاته في الأزل قبل خلقه، والكلام عَلَى "كل" وشمولها وشمول "كل" في كل مقام بحسب ما يحتف به من القرائن، يأتي في مسألة الكلام إن شاء الله تعالى.