ومعنى قول المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ في حديث: (أول ما خلق الله القلم ... ) -كما سيأتي في موضعه- أن كلمة "أول" هنا:

إما أن تأتي مبتدأ والقلم خبرها، فنقول: أولُ ما خلق الله القلمُ -بضم آخر كلمتي أولُ والقلمُ- وهذا معروف، وعليه كلام الشيخ ناصر الدين الألباني رَحِمَهُ اللَّهُ.

وإما أن تأتي كلمة أولَ منصوبة، فتكون ظرفاً، بمعنى: عندما خلق الله القلمَ، أي: أول ما خلقه الله قال له: اكتب.

ومن جمع الروايات تبين له أنها تصير عَلَى الوجه الأخير.

وإنما قلنا العالم المشهود، لأن وفد اليمن قالوا: جئنا نسألك عن أول هذا الأمر، أي: أهو العرش، أم الماء، أم هما معاً؟ فيخبرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه بعد أن خلق الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- العرش خلق القلم، وعندما خلق القلم -قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة كما جَاءَ في صحيح مسلم - أمره أن يكتب كل شيء.

إذاً؛ فهذا لا يتعارض مع ذلك، بأنه خلق هذا، ثُمَّ خلق القلم، وهو ظاهر ما في صحيح مسلم، والقول بتقدم خلق القلم عَلَى جميع المخلوقات فيه خلاف، والظاهر من روايات حديث عمران بن حصين أن العرش متقدم عليه، ويشهد لهذا روايات أخرى جاءت في المسند وفي غيره، دلت عَلَى أن العرش هو أول المخلوقات من هذا الكون الحسي المشهود، ومن القرءان قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ [هود:7] ، فقوله: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ، يدل عَلَى أن العرش وهذا الماء غير داخلين في العالم المشهود الذي هو السموات والأرض.

وذكر الشيخ العلامة المحدث مُحَمَّد ناصر الدين الألباني رَحِمَهُ اللَّهُ في الجزء الأول من سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم "133" حديث: (أول ما خلق الله القلم) ، تحت عنوان: أول مخلوق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015