واستطرد في ذكركل ما في هذه المسألة من الفلاسفة المتقدمين أمثال أرسطو ومن شايعه وابن سينا، ومن كَانَ عَلَى منهجهم، ومن خالفهم في هذه المسألة، كابن رشد وغيره، فجاء عَلَى جميع أقوالهم في هذه المسألة وفندها جميعاً.
فقضية بهذا العمق والطول، ليس من البساطة أن يأتي الإِنسَان فيجازف بالطعن في شَيْخ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ أو يتهمه وينتقده، فلا نرضى لمن كَانَ سنياً أن يجازف بالطعن والرد عَلَى أي مبتدع مجازفة بدون علم، مع أن هذا سني يرد عَلَى مبتدع، فكيف بإمام من أئمة السنة؟! ثُمَّ نقول بأنه خارج عن الإجماع في هذه المسألة، أو أنه موافق للكرامية، أو أنه موافق للصائبة الحرانية.
وهذا مما يدل عَلَى أن المسألة ينبغي لنا أن نفهمها بما يقدره الله من الفهم، ونحاول أن نستوضح ونعرف الخلفية التي وراءها، وما الذي يمكن أن يجر من لوازم؟
قَالَ الطّّحاويُّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[ما زال بصفاته قديماً قبل خلقه، لم يزدد بكونهم شيئاً لم يكن قبلهم من صفته، وكما كَانَ بصفاته أزلياً، كذلك لا يزال عليها أبدياً] .
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى:
[أي: أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لم يزل متصفاً بصفات الكمال: صفات الذات، وصفات الفعل، ولا يجوز أن يعتقد أن الله وصف بصفة بعد أن لم يكن متصفاً بها، لأن صفاته سبحانه صفات كمال، وفقدها صفة نقص، ولا يجوز أن يكون قد حصل له الكمال بعد أن كَانَ متصفاً بضده.