أما هو جل شأنه، فهو الغني الغنى المطلق التام، قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في سورة الأنعام: قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيّاً فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ [الأنعام:14] سُبْحانَ اللَّه! هو يطعم المخلوقات جميعاً، وهو الذي يربيهم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بالنعم ولا يُطعم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهل يعبد المطعوم ويترك من يطعمه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟! ولهذا كما جَاءَ في الحديث القدسي (أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يقول: إني والإنس والجن لفي أمر عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إليهم نازل، وشرهم إلي صاعد، أتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إلي بالمعاصي) هذا هو حال العالمين مع رَبِّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يخلق ويعبد سواه سُبْحانَ اللَّه وهذا من جهل الإِنسَان إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً [الأحزاب:72] هكذا طبع الإِنسَان قُتِلَ الإِنسَانسَانُ مَا أَكْفَرَهُ [عبس:17] فمن جهل الجنس البشري وظلمه وكفره: أن الله هو الذي يرزقه، ومع ذلك فإنه يشكر ما سواه، ينظر إِلَى الأسباب التي أعطته الرزق وينسى الذي خلق الأسباب وهيئها وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا [هود:6] .
فمن اقتران الخالق مع الرازق أيضاً نفهم كمال الغنى لله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وكمال افتقار المخلوقين إليه؛ فإنهم مخلوقون والله هو الذي خلقهمأَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] .