فلما أفل قَالَ: لا أحب الآفلين، ثُمَّ رأى القمر، ثُمَّ رأى الشمس -كما في سورة الأنعام-، فالآفل لا يمكن أن يكون رباً معبوداً من دون الله، فالقيوم ينفي الأفول وينفي الزوال عن الله عَزَّ وَجَلَّ، فهو قيوم قائم بذاته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا قوام لغيره إلا به، وهو الذي قامت له السموات والأرض بإقامته لها، فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو ربها، وهو الصمد الذي تصمد إليه الخلائق في حوائجها، والذي لولاه لما كانت هذه المخلوقات جميعها، فهو الدائم الباقي الذي لم يزل سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولا يفنى ولا يعدم ولا يزال موصوفاً بصفات الكمال.

فالحي: يدل عَلَى كمال الحياة، والقيوم يدل عَلَى كمال الغنى، ومن هذين الاسمين معاً نفهم أن جميع صفات الكمال ونعوت الجلال ترجع إليهما، ولهذا كانت آية: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255] أعظم آية في القرآن، كما ثبت ذلك في حديث أبي بن كعب لما سأله النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يا أبا المنذر! أي آية أعظم في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ فَقَالَ له: آية الكرسي. فَقَالَ له: ليهنك العلم أبا المنذر) وهذا دليل عَلَى علم أبي بن كعب -رضي الله عنه- حيث عرف أعظم آية في كتاب الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

فعلى هذين الاسمين مدار الأسماء الحسنى كلها، وإليها ترجع معانيها.

فإن الحياة مستلزمة لجميع صفات الكمال، فلا يتخلف عنها صفة من الصفات إلا لضعف الحياة، فمثلاً: ضعيف القدرة دليل عَلَى أن حياته غير كاملة، وكذلك ضعيف الإرادة، فهذا يدل عَلَى أن حياته غير كاملة، وهكذا كل صفة.

لكن الذي يتحقق فيه كمال الحياة يستلزم أن يكون لديه كمال القدرة، وكمال الإرادة، وكمال الحكمة، فترجع هذه الصفات جميعاً إليه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويكفي غير الله أنه فانٍ وهالكٌ وميتٌ، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى هو الحي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015