أما أكثر الْمُسْلِمِينَ فهم عنه غافلون وكثير من الْمُسْلِمِينَ لا يهمه أنه قرأ القُرْآن أو لم يقرأه، فحال الشيطان بينه وبين مصدر النور والهدى والحق والطمأنينة والتقوى واليقين والإيمان، ولهذا أصبحنا أمة ضائعة لا مكان لها في الدنيا بين الأمم ونخشى أن لا يكون لها عند الله تَعَالَى يَوْمَ القِيَامَةِ مكان أيضاً بين المرحومين وبين المشفوعين لهم، ولو قارنا بين الأشرطة الخبيثة من أفلام الفيديو وما أشبهها في البيوت أو في محلات البيع بالمصاحف من حيث الكم والعدد، ومن حيث إقبال النَّاس عَلَى هذا وعلى تلك، فسنجد الفرق واضحاً.
والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أَحْمَد ومسلم رحمهما الله تعالى: (اقرءوا القُرْآن فإنه يأتي يَوْمَ القِيَامَةِ شفيعاً لأصحابه) ، ثُمَّ خص من القُرْآن تلك السورتين العظيمتين البقرة وآل عمران، ثُمَّ خص سورة البقرة بالذات وهي مشتملة عَلَى آية الكرسي التي هي أعظم آية في كتاب الله وأواخرها أيضاً من أعظم ما نزل في كتاب الله عز وجل.
وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفاضل بين الصحابة بالقرآن، وكان معيار المفاضلة بين النَّاس هو القُرْآن فأكثر النَّاس حفظاً للقرآن هو أجدر بأن يولى قيادة الجيش، وهو أجدر بأن يقدم حتى عند الدفن، هذه هي الأمة القرآنية حقاً، ولهذا فضلها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى العالمين وأثنى عليها في الذكر المبين ونصرها وأورثها الدنيا شرقاً وغرباً لما كَانَ معيار التفاضل فيها هو القُرْآن وكان مرجعها في كل أمرها هو القُرْآن مع السنة التي هي شارحة ومبينة ومفسرة.
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم