يَوْمَ القِيَامَةِ فيكون الغضب الشديد في ذلك الموقف الذي يخرسون ولا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
ثُمَّ يبين آدم عَلَيْهِ السَّلام عذره بقوله: [وإن ربي نهاني عن أكل الشجرة فعصيته] وهذه المعصية قد غفرت له عَلَيْهِ السَّلام قبل أن ينزل إِلَى هذه الدنيا، ولكن هذا الموقف لا يتقدم له إلا عبد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وآدم عَلَيْهِ السَّلام غُفِرَ له لكنه يقول: إني حينما أتذكر هذه المعصية لا أستطيع أن أشفع لكم [نَفْسِي نَفْسِي نَفْسِي، اذهَبُوا إِلَى غَيْرِي، اذَهبُوا إِلَى نُوحٍ] وهذا الترتيب حكمة من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
فيتقدم نوح وهو أول الرسل من أولو العزم [فَيَأْتُونَ نُوحاً فَيَقُولُونَ: يا نُوح أَنْتَ أولُّ الرسل إِلَى أهل الأرض] وهذا دليل عَلَى أن نوح عَلَيْهِ السَّلام هو أول الرسل لأن بني آدم كانوا عَلَى التوحيد عشرة قرون؛ حتى وقع الشرك في قوم نوح، وذلك بعبادة الصالحين، فانحرفوا فأرسل الله إليهم أول الرسل نوح عَلَيْهِ السَّلام كما أخبر بذلك حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس قَالَ: [وسماك الله عبداً شكوراً] إِنَّهُ كَانَ عَبْداً شَكُوراً [الإسراء:3] [فاشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيْهِ؟ أَلَا تَرَى مَا قَدْ بَلَغَنَا؟ فيقول نوح: إنَّ رَبِّي قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبَاً لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ] يعيد ما قاله آدم عَلَيْهِ السَّلام، ثُمَّ يقول: [وإنه كانت لي دعوة دعوت بها عَلَى قومي] كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إن لكل نبي دعوة) فدعوة نوح عَلَيْهِ السَّلام دعا بها عَلَى قومه فقَالَ: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح:26] .