هذا الحديث هو أحد الأحاديث الكثيرة الواردة في إثبات الشَّفَاعَة العظمى للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
يقولأَبو هُرَيْرَة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: [أُتى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلحم، فَدُفِعَ إليه مِنْهَا الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ] وهو أطيب ما في الشاة وأهناؤه، [فَنَهَسَ منها نهسة] أي: نهش والمعنى متقارب.
[ثُمَّ قَالَ: أنا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وهل تدرون مِمَّ ذاك؟] أي: لم أكون سيد النَّاس يَوْمَ القِيَامَةِ؟! [يَجْمَعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَسْمَعُهُم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ النَّاس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون] ففي يَوْمِ القِيَامَةِ أهوال عظيمة لا تعد ولا تحصى، والذي يوجد في هذا الحديث من هذه الأهوال هو أحد ما ورد في ذلك، وإلا فهي كثيرة في القرآن، والله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سمى هذا اليوم بأسماء كثيرة منها: الحاقة والقارعة والواقعة، ثُمَّ في مواضع متفرقة من القُرْآن يعرض مشاهد يَوْمَ القِيَامَةِ، وذلك لعظم الأهوال في ذلك اليوم وشدة الكرب.
ثُمَّ يقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: [فيبلغ النَّاس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون] في ذلك الموقف (حيث تكون الشمس عَلَى مسافة ميل، فمن النَّاس من يلجمه العرق إلجاماً، ومنهم من يبلغ إِلَى منكبه، ومنهم من يبلغ إِلَى سرته، ومنهم من يبلغ إِلَى حقويه ومنهم من يبلغ إِلَى ركبتيه) ، موقف عظيم وعطش شديد وكرب وهول لا تكاد العقول تتخيله، فضلاً عن أن تتحمله، فحينئذٍ يضج الخلق أجمعون، ويبحثون عن مخرج وعن حيلة من هذا الكرب ومن هذا الموقف.