والجواب عَلَى هَؤُلاءِ أن تقول: إن قوله تعالى: بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، أن الباء هنا باء السببية أي: بسبب العمل الصالح يدخلون الجنة فعباد الله الصالحين في هذه الحياة الدنيا يقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويطيعون الله ورسوله، وكل هذه أسباب يبذلونها لتوصلهم إِلَى رضى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وإلى جنته، فلو كانت المسألة مسألة مبادلة وعوض فلن يدخل الجنة أحد بعمله، فما هي أعمالنا؟ أعمالنا لا تكافئ موضع في الجنة، فليست هناك مكافئة، وإنما ندخلها برحمة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وبمنه وفضله وكرمه.

شرح حديث الشفاعة العظمى

قَالَ المُصْنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى:

[النوع الأول: الشَّفَاعَة الأولى وهي العُظْمَى، الخاصَّةُ بنبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بين سائر إخوانه من الأَنْبِيَاء والمرسلين، صلواتُ الله عليهم أجمعين.

ففي الصحيحين وغيرهما عن جماعة من الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم أجمعين أحاديث الشَّفَاعَة منها:

عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: (أُتى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بلحم، فَدُفِعَ إليه مِنْهَا الذِّرَاعُ، وَكَانَتْ تُعْجِبُهُ فَنَهَسَ منها نهسة، ثُمَّ قَالَ: أنا سَيِّدُ النَّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ، وهل تدرون مِمَّ ذاك؟ يَجْمَعُ اللهُ الأولينَ والآخرينَ في صَعِيدٍ وَاحِدٍ يَسْمَعُهُم الداعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس، فيبلغ النَّاس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض النَّاس لبعض: ألا ترون إِلَى ما أنتم فيه: ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إِلَى ربكم؟

فَيَقُولُ بعض النَّاس لبعض: أبوكم آدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015