والمقصود أن هذا الكاتب خلط بين المعيتين: المعية العامة، والمعية الخاصة، وخلط في العلو، فلم يستطع عقله أن يوفق بين إثبات علو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- كما أخبر وبين معيته، ولذلك فالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما عرج به، بلغ تلك المنزلة التي لم يبلغها أحد أبداً فلو كَانَ الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- قريب من جميع الخلق بذاته فما وجه الاختصاص للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فعندما عُرج به إِلَى السماء كَانَ قريباً من ذات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

والمعية الخاصة هي بمعنى: النصر والتأييد والتوفيق، وهذه ثابتة للمؤمنين، وأخصهم في ذلك الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُم [الحديد:4] وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب [البقرة:186] هذه المقصود بها: قرب النصر والتأييد والإجابة -إجابة الداعي إذا دعاه- فهو قريب من المؤمنين بهذه الحال، وبعيد عن الكفار أي أنه لا يسمعهم ولا يستجيب لهم أبداً سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، لأنه قَالَ: وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ [الرعد:14] هذا بالنسبة لمعيته ولقربه، أما ذاته -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فهو كما أخبر أنه فوق العرش -فوق المخلوقات- في السماء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015