الأحاديث التي تدل عَلَى رؤية المؤمنين لربهم تَبَارَكَ وَتَعَالَى في الدار الآخرة متواترة، قد رواها نحو ثلاثين صحابياً، وتواتر ذلك نقله التابعون وتابعوهم ومن بعدهم، واتفقت الأمة عَلَى ذلك إِلَى أن ظهر أهل البدع الذين لا يعتد بخلافهم، والإجماع أيضاً عَلَى فهم هذه الأحاديث متواتر، فكلالسلف الصالح فهموا من هذه الآيات والأحاديث، حقيقة إثبات رؤية الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى ويكفينا ذلك دلالة عَلَى أن من خالف هذا الإجماع وهذا التواتر، أنه مكذب لله ولرسوله، وهو ضال مبتدع.
ولهذا عقَّب المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- في الأخير ببيان أن هَؤُلاءِ يقولون في دين الله برأيهم، وأنهم لا يتبعون الكتاب والسنة في ذلك، فمن الأحاديث التي ذكرها:
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- الطويل في البُخَارِيّ في كتاب التوحيد في باب قول الله تعالى: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ [القيامة:22، 23] ونفس هذا الحديث يأتي في باب إثبات الرؤية التي أولها وحرفها أُولَئِكَ المبتدعة الضلال، وفيه: أن ناساً سألوا النبي -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو العليم بربه- قالوا: هل نرى ربنا يَوْمَ القِيَامَةِ؟ فَقَالَ رَسُول الله صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هل تضارون في القمر ليلة البدر؟
جاءت برواية "تضارون" بالراء، وفي أخرى "تضامون" بالميم، ولا تعارض بينهما، فلعله لتعدد القصة، وكل منهما يدل عَلَى معنى صحيح، فقَالَ: (هل تضارون في القمر ليلة البدر؟ قالوا: لا يارَسُول الله، قَالَ: هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟ قالوا: لا، قَالَ: فإنكم ترونه كذلك......) ثُمَّ ذكر الحديث وهو حديث طويل.