وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (ونصرت بالرعب) وفي رواية أخرى (مسيرة شهر) ومعنى ذلك: أنه إذا عقد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لواء جيش من الجيوش قذف الله تَعَالَى في قلوب أعدائه الرعب قبل أن يحاربهم، ولو كَانَ عَلَى مسيرة شهر منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وأحلت لي الغنائم) كان الأَنْبِيَاء قبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا قاتلوا عدواً لهم فغنموا منه، فإنهم يجمعون الغنائم فيضعونها في مكان فتنزل نار من السماء فتحرقها، ومن غل منها شيئاً، فإنه يعاقب.
فجاء الحكم بالتخفيف لهذه الأمة أن الغنائم حلال له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولأمته عَلَى القسمة المعروفة إن كانت فيئاً أو إن كانت غنائم، فأحلت له صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصبح كل مقاتل يأخذ ما كتب الله تَعَالَى له وشرع من الغنائم، هذه من خصائصه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ ولهذا يقول: (بعثت بالسيف بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي) فكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يسترزق مما يقبضه من الغنائم التي أحلها الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- له من قتال الكفار.
ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وجعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً) هذه نعمة عظيمة أيضاً، كانت الأمم قبلنا -وما يزالون إِلَى اليوم- لا يصلون إلا في الكنائس وفي المعابد، لكن هذا الدين رحمة للعالمين وهو دين عام للعالمين وعام لجميع الأزمان إِلَى أن تقوم الساعة.