فلما جاءت الحروب الصليبية، وحاربوا الْمُسْلِمِينَ رأوا كيف يعيش الْمُسْلِمُونَ، مع أنهم تركوا كثيراً من الهدى الذي كَانَ عليه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومع ذلك فالأوروبيون من فرنسيين وألمان وإنجليز تعجبوا كيف يعيش النَّاس في هذا النعيم وهذه الراحة ورأوا علماءهم يقولون: قال الله قال رَسُول الله وعلماء النَّصَارَى محتكرين للدين ويفسرونه كما يشاءون، ويحللون ويحرمون كما يشاءون، فالبابا مرة يحرم الطلاق ومرة يبيحه ومرة يحرم الربا ومرة يبيحه اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ [التوبة:31]

فلما رأوا ذلك قامت في أوروبا الحركة التي تسمى حركة الإصلاح الديني، مارتن لوثر وكالفن.

فقالوا: اطمسوا جميع الصور والتماثيل التي كانت في الكنائس، وَقَالُوا: لا نقول في الدين بالتثليث الأب، والابن، وروح القدس، أي: لا نقول: إنها آلهة؛ بل نقول: إله واحد، وهم لم يسلموا، ولكنهم يحاولون أن يقربوا إِلَى الإسلام، قالوا: ورجال الدين لا يحتكرون كل شيء، بل من حق كل إنسان أن يقرأ الكتاب المقدس ويعلم ما فيه مثلما رأوا حال الْمُسْلِمِينَ.

يقول علماء التاريخ الأوربيون: إن حركة الإصلاح الديني أحد أهم الأسباب والعوامل في نهضة أوروبا بخروجها من القرون الوسطى إِلَى القرون الحديثة -كما يسمونها- فبذت الخرافات والضلالات والشركيات، نعم وقعت في الإلحاد هذا صحيح، لكن ليس السبب أنها خرجت من حق إِلَى باطل. لا؛ بل خرجت من باطل ورفضت الحق وهو الإسلام، ووقعت في باطل شر منه وهو الإلحاد الذي تعيش فيه اليوم، وكان عليها أن تخرج من الباطل، وتقع في الحق الذي هو دين الإسلام الذي لا حق سواه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015