لأنه ما من آية آوتيها موسى وعيسى إلا وأوتي مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أضعافها ولا سيما ما حصل له من الظهور والغلبة والتمكين ومحو الشرك والضلالات وإزالة الإلحاد، وقمع الظلم والفساد، وإقامة العدل وإعطاء الإِنسَان حريته وإنسانيته الحقيقية، عَلَى مستوى عام لم يشهد له التاريخ من قبل مثيلاً، ولم ولن يشهد له من بعد، إلا لمن يقتدي بمُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويسير عَلَى منهاجه.
بعد ذلك انتقل المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ في آخر هذا المبحث إِلَى الفرق بين النبي والرسول.
قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ:
[وقد ذكروا فروقاً بين النبي والرسول، وأحسنها: أن من نبأه الله بخبر السماء، إن أمره أن يبلغ غيره، فهو نبي رسول، وإن لم يأمره أن يبلغ غيره فهو نبي وليس رسول، فالرَّسُول أخص من النبي فكل رَسُول نبي، وليس كل نبي رسولاً، ولكن الرسالة أعم من جهة نفسها، فالنبوة جزء من الرسالة، إذ الرسالةُ تتناول النبوةَ وغيرها، بخلاف الرسل، فإنهم لايتناولون الأَنْبِيَاء وغيرهم، بل الأمر بالعكس.
فالرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها] اهـ.
الشرح:
هذا الموضوع ليس ذا أهمية كبرى، بالنسبة لمن يؤمن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وكتبه، وملائكته، ورسله، ويؤمن بأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يوحي إِلَى من يصطفي من عباده بهذا الوحي، فيكون نبياً، أو رسولاً، أو يسمى نبياً، أو رسولاً، ليست المسألة ذات أهمية؛ لكن ينبغي أن نعلمها، ولا سيما وقد تكلم فيها بعض العلماء أو كثير منهم.
فمن العلماء من قَالَ: لا فرق بين النبي والرسول؛ فالنبي رسول، والرَّسُول نبي بإطلاق، ومنهم من قَالَ: لا؛ بل هنالك فرق، ثُمَّ لما جاءوا عند التفريق اختلفوا.