وهذا الكلام هو نقطة البداية التي يمكن أن نتحدث بها إذا أراد أحدنا أن يدعو أحداً إِلَى دين الإسلام، أو يخاطبه عن الإسلام، فلا بد أن ينظر: فإن كَانَ يؤمن بالله، وأن الله حكيم، وأن الله عدل سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنه لديه عَلَى الأقل ما يسمونه "حسن التصرف أو التدبير" فيخاطبه بمثل هذا الكلام، ويخاطبه بصحة هذا القُرْآن الذي بين أيدينا، ويسألة: لِمَ لَمْ يتغير منه حرف؟
ولا يذهب أحد يطعن فيه ويغير فيه إلا فضحه الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَلَى العالمين؟ هذا لا يمكن أن يكون إلا بتأييد من الله، وبهذا يصل معه إِلَى النتيجة المطلوبة.
لو كَانَ النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مدعياً مفترياً -كما يزعم المفترون قاتلهم الله أنى يؤفكون- لما أقره الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وهو يفتري عليه؛ أنه أوحى إليه، وأن يفتري باسمه هذا القُرْآن وهذه الأحكام من حلال وحرام، ويسلطه عَلَى أتباع الأديان فيقتلهم ويحصرهم ويسبيهم.
كل هذه الأمور لا يمكن أن تقع فمن قَالَ: إنها يمكن أن تقع من غير رَسُول يوحى إليه من الله، فهذا ليس طاعناً في هذا النبي فقط؛ بل هو طاعن في الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وفي حكمة الله وعدله، وأنه يؤيد الكافرين المفترين عليه وينصرهم ويجعل الغلبة والعاقبة لهم في كل ميدان ومعركة وهم يكذبون عليه ليل نهار ويحاربون أولياءه ويستذلون عباده ويظلمون النَّاس بهذا الفعل، هذا لا يمكن أن يقول به إلا إنسان لا يؤمن بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق الإيمان، ولا يصف سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بما وصف به نفسه، ولا يقدره تَعَالَى حق قدره.