أخبر الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وغير ذلك من الصفات التي هي صفات متأصلة في النفس الإِنسَانية، فإذا أيقن أن الرازق هو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فإنه يزكي نفسه ويطهرها وينقيها من رواسب هذه الصفات السيئة، التي هي من صفات غير الموقنين بأن الله هو الرازق وحده -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- لا شريك له، ولذلك فلا يجوز أن تصرف العبادة إلا له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فما دام أنه هو الذي يرزق الخلق فهو الذي يجب أن يعبد وحده تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فنعلم النَّاس توحيد الربوبية وإن كانوا مقرين به في الأصل، لكن نعلمهم حقائقه ومقتضياته الواقعية، التي يجب أن تطبق عَلَى نفوسنا، ومن ذلك الدعاة، فإذا دعا الداعية إِلَى الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فيجب أن يعلم هذا التوحيد، أن الله هو الرازق، فلو آمن به الدعاة جميعاً حق الإيمان لما رأينا الإحجام والتردد في الدعوة، فإذا علمت أن الله هو الرازق فإنك تدعو إِلَى الله، وتنكر المنكر، وتقول الحق ولا تخاف عَلَى رزقك ولا عَلَى طعامك ولا عَلَى رزق أولادك من بعدك، لأنك تعلم أن الله هو الذي يرزقك وأن الله هو الذي يرزقهم، وأن سبيل الدعوة محفوف بالأذى واالمخاطر، ومنها قطع هذا السبب الذي هو سبب ظاهر جعله الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- مصدراً لرزقك، فكثير من النَّاس يقول: لولا عملي، أو لولا رزقي، أو لولا وظيفتي، أو لولا خشية أن ينقطع راتبي لقلت الحق، ولأمرت بالمعروف، ولدعوت إِلَى الله، فيا سُبْحانَ اللَّه! هل يكون مثل هذا الإِنسَان مؤمناً حقيقة بتوحيد الربوبية، وأنه لا رازق إلا الله.
فلا بد من الصبر ولا بد من المجاهدة، فهذا الجانب من التوحيد مهم وينبغي الحث عليه وينبغي الإيمان به.