فلهذا يقول المؤلف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: نَحْنُ اليوم نعلم بالتواتر من أحوال الأَنْبِيَاء وأوليائهم وكذلك من حال أعدائهم ما يدل قطعاً وصدقاً عَلَى نبوتهم، غير الأدلة التي يحصرنا فيها أُولَئِكَ الناس، فَيَقُولُ: ومن ذلك أنهم أخبروا الأمم بما سيكون من انتصارهم، وبقاء العاقبة لهم وخذلان أعدائهم، فمنذ أن يُبعث النبي وهو موقن بالانتصار، كما هو حال نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقد كَانَ ورقة بن نوفل موقن بأنه نبي، ويقول: ليتني أكون فيها جذعاً، إذ يخرجك قومك، علم أن قومه سيخرجونه؛ لكنه هو الذي سينتصر في النهاية، وقد قالها هرقل: الأَنْبِيَاء يُغلبون ابتلاءً من الله، ولكن تكون العاقبة لهم، وهكذا أخبرنا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن العاقبة كانت للأنبياء الذين من قبله، وأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أهلك الأمم التي كذبتهم وكفرت بهم جميعاً، كما في أحداث فرعون وقومه، ونوح وقومه وأمثالهم.

الشيء العظيم جداً الذي اختص الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بأعظمه وأشمله النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو ما يأتي به الأَنْبِيَاء من الشرائع.

ولهذا يقول النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وإنما كَانَ الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي وأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً يَوْمَ القِيَامَةِ " وماذاك إلا لأن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جعل بينته وحياً نورياً يتلى ويتناقل ويتداول، ولم تكن خارقة حسية يراها بعض الناس، أو يتناقل أخبارها بعض الناس، وإنما كانت مع وجود هذه الخوارق والآيات الحسية وحياً يتلى.

ما من خير إلا وقد دل عليه الأنبياء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015