قَالَ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ: [وأيضاً فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أبقى في العالم الآثار الدالة عَلَى ما فعله بأنبيائه والمؤمنين من الكرامة، وما فعله بمكذبيهم من العقوبة، كتواتر الطوفان، وإغراق فرعون وجنوده. ولما ذكر سبحانه قصص الأَنْبِيَاء نبياً بعد نبي في سورة الشعراء كقصة موسى وإبراهيم ونوح ومن بعده، يقول في آخر كل قصة: إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ َ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ [الشعراء:68،67] وبالجملة: فالعلم بأنه كَانَ في الأرض من يقول: إنه رَسُول الله، وأن أقواماً اتبعوهم، وأن أقواماً خالفوهم، وأن الله نصر الرسل والمؤمنين، وجعل العاقبة لهم، وعاقب أعداءهم: هو من أظهر العلوم المتواترة وأجلاها. ونقل أخبار هذه الأمور أظهر وأوضح من نقل أخبار من مضى من الأمم من ملوك الفرس وعلماء الطب: كبقراط وجالينوس وبطليموس وأفلاطون وسقراط وأرسطو وأتباعه، ونحن اليوم إذا علمنا بالتواتر من أحوال الأَنْبِيَاء وأوليائهم وأعدائهم علمنا يقيناً أنهم كانوا صادقين عَلَى الحق من وجوه متعددة، منها: أنهم أخبروا الأمم بما سيكون من انتصارهم وخذلان أُولَئِكَ وبقاء العاقبة لهم. ومنها: ما أحدثه الله لهم من نصرهم وإهلاك عدوهم إذا عرف الوجه الذي حصل عليه: كغرق فرعون، وغرق قوم نوح وبقية أحوالهم عرف صدق الرسل، ومنها: أن من عرف ما جَاءَ به الرسل من الشرائع وتفاصيل أحوالها، تبين له أنهم أعلم الخلق، وأنه لا يحصل مثل ذلك من كذاب جاهل، وأن فيما جاؤوا به من الرحمة والمصلحة والهدى والخير ودلالة الخلق عَلَى ما ينفعهم ومنع ما يضرهم ما يبين أنه لا يصدر إلا عن راحم برٍ يقصد غاية الخير والمنفعة للخلق. ولذكر دلائل نبوة مُحَمَّد صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من المعجزات وبسطها موضع آخر، وقد أفردها النَّاس بمصنفات كالبيهقي وغيره] اهـ. الشرح: وهنا دليل آخر من أدلة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015