النوع الثاني من أنواع الغلط في شهادة أن (لا إله إلا الله) : قول من ظن أن معناها: (لا رب إلا الله) بمعنى: الربوبية أي: (لا خالق إلا الله) ، و (لا رازق إلا الله) ، و (لا فاعل إلا الله) ، وهذا يقول به طوائف من الناس، وسبق أن تحدثنا عن ذلك، وتحدث عنه المُصْنِّف وهذا قول بعض طوائف من المتكلمين وبعض الصوفية الذين يقولون: إنه لا فاعل إلا الله، ولا موجود إلا الله، فمعنى (لا إله إلا الله) عندهم هو الفاعل لكل شيء، وأن غيره كالسراب لا وجود له ولا فعل ولا تأثير له، وهذا أيضاً قول باطل، فإن إثبات أن الله هو الخالق، وهو الرازق -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- وأنه المحيي والمميت لم يخالف فيه العرب في الجاهلية؛ بل كانوا يقولون في تلبيتهم: (لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك) ، وكما تقرأون في آيات الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [لقمان:25] فهذا التوحيد في الحقيقة جزء من توحيد الربوبية، كَانَ يؤمن به المُشْرِكُونَ الذين بعث فيهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والجزء المتعلق به هو جانب الألوهية وهو الذي كانت فيه المعركة بين النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وبينهم، ولهذا لا يجوز لأحد كائناً من كَانَ أن يجعل همه من الدعوة إِلَى (لا إله إلا الله) أن يدعو النَّاس إِلَى أن يعتقدوا أنه لا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا ضار إلا الله، ولا نافع إلا الله ويقف عند هذا، نعم هذا جزء من الحق لكن ليس هو الحق كله؛ بل يجب علينا أن نبين ونوضح معنى شهادة أن (لا إله إلا الله) كاملةً، كما وضحها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن ذلك: نفي اتخاذ شفيع أو وسيط من دون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- تصرف بعض من أنواع العبادة له، ومن ذلك أيضاً نفي اتخاذ متبوع أو مطاع، يقدم كلامه وأمره ونهيه عَلَى أمر الله ورسوله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015