إن أشرف ما امتنَّ الله تَعَالَى به عَلَى عباده في هذا الوجود هو الرسالة، وأشرف خلق الله عَزَّ وَجَلَّ وأفضلهم وأعلاهم قدراً ومنزلةً هم الرسل، والله أعلم حيث يجعل رسالته، فله الحكمة سبحانه وتَعَالَى، فهو الحكيم الخبير وهو الذي يضع هذه الرسالة في فلان، ولا يضعها في فلان، وإلا لو كَانَ الأمر موكولاً إِلَى أهواء البشر لقال الكفار كما قالوا: وَقَالُوا لَوْلا نُزِّلَ هَذَا القُرْآن آنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف:31] لماذا لم يكن فلان؟ ولماذا لم يكن فلان؟ وما قيمة فلان هذا؟ قالوا: لأنه صاحب مال وصاحب جاه ومنصب، مطاع في قومه إِلَى آخر ما يرونه من صفات.

والله تَعَالَى يقول: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ [الأنعام:124] ، ليس هنالك أحد أعلم من الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الزخرف:32] .

أما المعيشة الدنيوية فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قسمها بينهم، ورفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً، لكن وَرَحْمَةٌ رَبِكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32] فالرسالة أفضل من كل ما يجمع النَّاس ومن كل ما يعطون في هذه الحياة الدنيا فيقسمونها، هذه الدنيا إذا تجردت عن الإيمان بالله تعالى، فهي أحقر عند الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى ولا تعادل ولا تزن جناح بعوضة، ومع ذلك لم توكل قسمتها لهم فهل يوكل إليهم قسمة الرسالة وهي أعظم من ذلك، وخير من ذلك، فيضعونها حيث شاؤوا؟!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015