ويقول الله تَعَالَى في سورة يونس: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس:99] فمن كفر فإنما كفر بمشيئة الله، ومن آمن فإنما آمن بمشيئة الله هذا وجه الدلالة، ولا إشكال فيه، وقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وموضع الآية هنا واضح إذا فهمنا مدلول الآية كلها.
نجد أن كثيراً من المهزومين أو المخدوعين يقولون: إن هذا الدين دين دعوة فقط لا جهاد ولا قتال فيه، وإنما يدعو النَّاس إِلَى أن يؤمنوا به بطواعيتهم وباختيارهم، ويستدلون بقوله تعالى: أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ويقول: قال تَعَالَى: لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ [البقرة:256] .
إذاً: ليس في الإسلام قتال من أجل الدين ولا جهاد، فإن قلنا: فهذه الفتوحات الإسلامية، والغزوات النبوية قرابة ثلاثين غزوة وقرابة المائة سرية، والصحابة من بعده وصلوا إِلَى نهاية العالم من جهة الغرب إِلَى المحيط الأطلسي، ولم يكن معروفاً في ذلك الوقت أن وراء هذا المحيط عالماً آخر.
وتوغلوا من جهة الشرق حتى وقَّع لهم ملك الصين على دفع الجزية، ولم يبق شيء من العالم إلا أوروبا وهي قبائل همجية في الشمال وأجزاء قليلة في الجنوب، كيف يكون هذا المجد وهذا الكسب؟ قالوا: هذه حروب دفاعية فقط، فقريش أرادت أن تعتدي عَلَى النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقاومها وحاربها ويستدلون بقوله تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ [البقرة:190] .