لا حجة عليهم، ولكن الله عز وجل يريد أن يبين أن الحجة قائمة على جميع بني آدم فلهذا جاء بذريتهم وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الأعراف:172] فإذاً هو أخذ الذرية من "عالم الذر" وهذا كله بعضه من بعض أي: نثروا بين يدي آدم عليه السلام الأجداد مع الأحفاد كلهم دفعة واحدة فلذلك كان الآخذ من ظهور بني آدم؛ لأنها أجيال متعاقبة إلى قيام الساعة؛ ولكنهم نثروا دفعة واحدة بين يديه فهذه الآية بهذا اللفظ تدل على معنى أعظم وأبعد مما يظنون، ولو كان الأمر كذلك لكان من ظهر آدم، قال: [إنما ذكر الأخذ من ظهر آدم والإشهاد عليهم هناك في بعض الأحاديث، وفي بعضها الأخذ والقضاء بأن بعضهم من الجنة وبعضهم من النار، كما في حديث عمر وفي بعضها الآخر الأخذ، وإراءة آدم إياهم من غير قضاء ولا اشهاد] ، وهذا صحيح. كما في حديث أبى هريرة لكن لا تُعارِض أحاديث ذكرت الأخذ والاستخراج وأحاديث ذكرت الإراء لآدم ... لا تعارض؛ لأن هذه كلها واقعة واحدة، ولكن قد يقتصر الراوي من الصحابة فما بعده على بعض الحديث فلا يذكره كله، فإذا كان الكلام في القدر يذكر من الحديث أنه سبحانه وتعالى جعل طائفة في الجنة وطائفة في السعير، وإذا كان الكلام في الإقرار على توحيد الربوبية، يذكر منه الإقرار والاستشهاد والاستخراج، وإذا كان المراد أن آدم عليه السلام رآهم وما في ذلك من العجب العجاب والآية البينة، يذكر أنه أريهم آدم عليه السلام، وهكذا ... )