إن كل المفسرين الذين يفسرون بالأثر عن السلف الصالح ومن هَؤُلاءِ الثعلبي والبغوي ذكروا الآثار التي تدل عَلَى أن الله استخرج ذرية آدم من ظهره، وأشهدهم عَلَى أنفسهم ثُمَّ أعادهم، ومنهم من ذكر أنه نصب لهم الأدلة التي تدل عَلَى وحدانية الله، وشهدت بذلك عقولهم وبصائرهم ومن هَؤُلاءِ الزمخشري ورد الأحاديث الصحيحة التي تدل عَلَى القول الأول، ولا غرابة في ذلك لأنه كما تعلمون يفسر القُرْآن بالرأي، ويأتي بالقول الذي يرى أنه موافق للعقل.

ومنهم من ذكر القولين كالواحدي والرازي والقرطبي وهَؤُلاءِ هم في الغالب: من الذين يجمعون بين النصوص، وبين كلامأهل الكلام، ولهذا نجد أن الرازي -مثلاً- وهو من أئمة المذهب الأشعري، يجتمع مع المعتزلة أحياناً، ومع أهل السنة أحياناً، يترددون ويتذبذبون بين هَؤُلاءِ وهَؤُلاءِ، ولهذا فإنه هو وأمثاله الذين ذكرهم المُصنِّفُ جمعوا بين القولين، لكن الرازي في تفسيره نسب القول الأول إلىأهل السنة.

والثاني إِلَى المعتزلة، وهذا ليس ببعيد أن يذكر أن أهل الحديث وأهل الأثر يقولون: إنه استخراج حقيقي عَلَى ظاهر النصوص وهو كذلك، والقول الثاني: نسبه إِلَى المعتزلة والواقع أنه ليس خاصاً بالمعتزلة؛ لأن هذا القول انتصر له الحافظ ابن كثير وانتصر له ابن القيم رحمها الله تَعَالَى كما سوف نلاحظ، وقد سبقت الإشارة إِلَى ذلك أيضاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015