وهذا الكلام فيه إشعار وتمهيد لما يريدُ المُصنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ أن يقوله، وذكر أشهر الأحاديث وأكثرها ذكراً واستشهاداً عَلَى موضوع الميثاق هو حديث ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما عن النبي صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إنَّ اللهَ أَخَذَ المِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ بِنَعْمَانَ -يعني عَرَفَهَ) ونَعْمَانَ هو الوادي المعروف، وكما هو معروف في الكتب القديمة أنه بطن واد لهذيل، وهو أيضاً لهذيل إِلَى اليوم تسكنه هذه القبيلة المعروفة، ففي هذه الرواية ورد تعيين المكان أنه في نعمان أو أنه في عرفة وعَرَفَهَ ونَعْمَانَ ليس بينهما كبير مسافة ولعل نَعْمَانَ اسم عَرَفَهَ وغيرها فتكون عَرَفَهَ جزء منه، فالله أعلم أي ذلك وقع.

والمقصود أنه وقع في هذه الأرض بعد إنزال أبينا آدم عَلَيْهِ السَّلام، فأخرج من صلبه كل ذريته، وفي ذلك الوقت لم يكن الله قد خلقها وإنما كل ذرية كتب أنه سيخلقها (فَنَثَرَهَا بَيْنَ يَدَيهِ، ثُمَّ كَلَّمَهُم قُبُلا) فليس في الأمر مجاز ولا احتمال للمجاز، بل أخرجهم من ظهره ونثرهم بين يديه وكلمهم وخاطبهم قبلاً أي: مقابلة، فقَالَ: أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا [الأعراف:172] رواه الإمام أَحْمَد والنَّسَائِيُّ والحاكم ورواه غيرهم كابن أبي حاتم.

تعليل ابن كثير لحديث ابن عباس

ولو رجعنا إِلَى تفسير ابن كثير فسنجد أنه أعله بأنه موقوف، وقد سبق أن أحلنا إِلَى سلسلة الأحاديث الصحيحة.

وما كتبه الشيخ ناصر الدين هو الصواب، وهو الحق وهو الذي عليه كثير من السلف قديماً وحديثاً.

وما ذهب إليه المُصْنِّف وابن كثير وابن القيم قول مرجوح لا ينبغي أن يذهب إليه من قرأ تلك الروايات التي جمعها الشيخ ناصر.

تصحيح الشيخ ناصر لحديث ابن عباس

طور بواسطة نورين ميديا © 2015