فالشاهد أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد ألهمنا وفطرنا عَلَى التوحيد والإيمان به سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وقد أخذ منا العهد والميثاق عَلَى أن نعبده وحده لا شريك له، وأشهدنا عَلَى أنفسنا أنه هو وحده ربنا ولا رب لنا سواه، وموجب ذلك ومقتضاه: أن نعبد الله ولا نشرك به شيئاً، وأن لا نغفل عن طاعته ولا نعتذر بأي عذر أو علة فنقول: إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ [الأعراف:173] ولن يحاسبنا يَوْمَ القِيَامَةِ على الميثاق، وإنما عَلَى إجابةِ الرسل فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ [الأعراف:6] يسألنا ويقول: مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65] وهذه نعمة من الله عَزَّ وَجَلَّ أنه لا يحاسبنا عَلَى الميثاق وحده، وإنما يحاسبنا عَلَى ما جاءنا من الرسل، وكذلك السؤال في القبر (ماذا كنت تقول في هذا الرجل الذي بعث فيكم؟) .

فبعد دليل الفطرة المجمل، جَاءَ دليل النبوة مفصلاً كاملاً واضحاً ناصعاً يبين لنا الطريق، فلا عذر ولا حجة لأحد، ولا أحد أحب إليه العذر من الله عز وجل، ولهذا أرسل الرسل وأنزل الكتب، فما بقي لمن بلغه هذا الدين وهذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومن سمع به إلا الإيمان والاتباع قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (والذي نفسي بيده لا يَسْمَعُ بي يَهُّودِيٌّ ولا نَصرَانيٌّ ثُمَّ لا يُؤمِنُ بي إلا دَخَلَ النَّار) لأن الفطرة موجودة في قلوب النَّاس، وسمعوا بالنبي الذي بعث بهذه الملة.

قال الإمام الطحاوي رحمه الله:

[والميثاق الذي أخذه الله تعالى من آدم وذريته حق]

قال المصنف رحمه الله تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015