وكذلك أصحاب الغفلة من المؤمنين متى يفيقون؟ إذا رأو ملائكة الموت حينئذٍ يقولون: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99،100] لا ينفع هذا الآن لأنه انتهى وقته.

أين القلب والسمع والبصر والجوارح والعبر والعظات، والآيات المقروءة والآيات الناطقة المشاهدة في الكون؟

يقولميمون بن مهران رَحِمَهُ اللَّهُ وهو سيد التابعين - في بلاد العراق -: (كَانَ أبي شيخاً كبيراً وكنا بالبصرة نذهب، فنستمع إِلَى موعظةالحسن البصري رَحِمَهُ اللَّهُ -وكان مشهوراً بمواعظه البليغة المؤثرة- فَقَالَ أين ميمون - وكان ضريراً -؟ يا ميمون! خذ بيدي نذهب إلىالحسن البصري نسمع منه موعظة يقول: ففرحتُ لعلي أسمع موعظة الحسن قَالَ: فذهبت بأبي وفي الطريق قابلنا جدول صغير، فلم أستطع أن أعبر بأبي -لأن أباه كَانَ أعمى- فلم أجد إلاّ أن انبطحت وعبر من فوق ظهري، ولا أستطيع أن أحمله -فمد جسمه كالجسر وعبر أبوه من فوق ظهره- ثم أخذ بيده ودخلا عَلَى الحسن رَحِمَهُ اللَّهُ فقَالَ: أبوه، يا أبا سعيد جئناك لتعظنا -انظر إِلَى الذين يبحثون عن طب القلوب، يذهب إليه، ويقول له: عظني ذكّرني- فجلس الحسن رَحِمَهُ اللَّهُ وقَالَ: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ * أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ [الشعراء:204-207] ثُمَّ أخذ الشيخ في البكاء فبكى الحسن، يقول ميمون: فبكيا بكاءً شديداً وأنا أعجب، قَالَ: ثُمَّ أخذت أبي، فلما خرجُت قلت لأبي: أهذه موعظة يا أبتاه، إني ظننت أنه سيقول شيئاً من كلامه، قَالَ: يا بني قد قرأ آية لو قرأت عَلَى الجبال لتفطرت أو لتزلزلت.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015