ورد في الغلام الذي قتله الخضر عَلَيْهِ السَّلام كما قال له موسى: أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْس [الكهف:74] أنه كَانَ قد طبع كافراً مخالفاً لبقية النَّاس، وأن له حكماً خاصاً، وهو أنه خلق كافراً، ولهذا كَانَ حكمه مخالفاً ومغايراً لحكم سائر الناس، فإنهم يدعون فإن أسلموا وإلاّ قتلوا.

فالمقصود أنه لا خلاف بين المسلمين في أن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد فطر النَّاس وغرس في أذهانهم الدلائل والبراهين عَلَى معرفته سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى والاتجاه إليه وحده لا إِلَى أحد سواه.

ومن أعظم الشبهات التي دخلت في علم الكلام، وأفسد بها علماء الكلام دين الْمُسْلِمِينَ قولهم بأن التدين إنما يكون تقليداً، وممن ذكره وفصله أبو حامد الغزالي في الإحياء وذكره غيره، وهو أن النَّاس إنما يتعبدون بحسب البيئة التي يولدون عليها، ولهذا يصبح الإِنسَان الذي ينشأ بين النَّصارَى نصرانياً والذي ينشأ بين اليهوديهودياً.

وقد أدخل علماء الكلام -وأصلهم زنادقة براهمية- هذا على المسلمين، ولبسوا عليهم ذلك، فَقَالُوا: إذا كان من يولد بين الهنود يصبح هندوسياً، والذين يولد بين المسلمين يصبح مسلماً، أي: أن الأمر كله تقليد، ولا أصل للفطرة.

إذاً لا بد أن نقول للناس -حسب انحرافهم-: لا تؤمنوا إلاّ إيماناً عقلياً لا تقليد فيه، ولذا نجد في كتبأهل الكلام وكتبالأشاعرة، وكتب أخرى كثيرة كما في شرح المواقف وشرح اليقينات الكبرى، وشرح السنوسية، والجوهرة، وغيرها من كتبهم نجد مسائل منها: حكم المؤمن المقلد.

حكم المؤمن المقلد عند أهل الكلام

يقولون في كلامه عَلَى حكم المؤمن المقلد، وقد اختلف فيه، فَقَالَ بعضهم: إنه كافر لا يقبل إيمانه، وقَالَ بعضهم: إنه عاصي، وقال بعضهم: يقبل لأن الإِنسَان ضعيف وجاهل لا يملك إلا التقليد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015