نعم، نقول: إن الله لم يوفقه ولم يتفضل عليه بالإيمان؛ لكن هذا التوفيق فضل من الله يعطه من يشاء ويحجبه عمن يشاء، ولا يحرمه أحد إلا لسبب من العبد لذاته، علم الله أنه لا خير فيه، كما قال الله تعالى: وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ [الأنفال:23] لكن علم أنه لا خير فيه وأنه يرفض هذا الإيمان رغم الحجج الواضحة البينة، ولهذا لم يوفقه للإيمان وهذا عدل منه -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- مع أنه بين له طريق الهدى وقول المعتزلة بأن الهدى بيان الطريق وأن الإضلال تسمية العبد ضالاً هذا خطأ بل الهدى من الله تعالى: هو التوفيق والعون والإمداد والتفضل بالهداية وسلوك طريق الطاعة، وأما الإضلال فهو: صرف الإِنسَان وحجبه عن طريق الخير لفعل يفعله بسبب منه لعدم قابليته الهدى فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يسأل عما يفعل وهم يسألون.
ولهذا جَاءَ في الحديث الصحيح (عملت اليهود إلى منتصف النهار كما نقول: إِلَى صلاة الظهر وعملت النَّصَارَى ما بين صلاة الظهر والعصر، وعملت هذه الأمة من صلاة العصر إِلَى المغرب.