(11,686) >إن إثبات المشيئة الكاملة النافذة لله تَعَالَى التي ذكرها المُصنِّفُ -رَحِمَهُ اللهُ- لا يعني أن يحتج المحتجون من العصاة والفجار بالقدر فيفعل أحدهم الذنب ويقول: إن الله قدره علي، وهذا الإثبات رد عَلَى الذين ينكرون القدر بحجة إنكار الله عَلَى من يحتج بالقدر، فإن الله أنكر عَلَى الذين يحتجون بالقدر بقوله: وَقَالُوا لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ [الزخرف:20] وقوله: لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا [الأنعام:148] فأنكر عليهم هذا.
فقال الذين ينكرون القدر: إذاً فليس لله مشيئة لأن الكفار والْمُشْرِكِينَ احتجوا بالمشيئة، والله تَعَالَى قد أنكر عليهم هذا القول، فعلى هذا فالله ينكر عَلَى من يثبت المشيئة، وقولهم هذا غير صحيح.
فالله ينكر عَلَى من يحتج بالمشيئة عَلَى الرضا، فإن الله شاء أن يكفر الكفار بدليل أن الكفر واقع منهم، فيوجد في الأرض كفار، وهذا الذي نراه في الكون عليكم أن تؤمنوا أن الله شاءه وقدره، وإلا أن تقولوا: إن الله يقع في ملكه وكونه ما لا يشاؤه، فيلزمكم أن تقولوا أحد الأمرين إما: أن العبد يعمل مالم يشاؤه الله ولم يأذن به وهذا لا يقول به مسلم، وإما أن تؤمنوا بالقدر، وقد سبق شرح الآيات التي في الأنعام والزخرف والنحل في موضوع القدر مثل قوله تعالى: سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا [الأنعام:148] وقوله: وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آبَاؤُنَا [النحل:35] .