ثُمَّ يقول: [وبحق السائلين عليك] ، وهو أحد السائلين، وعطفهم عَلَى عمله الذي عمله بنفسه فهذا لا يماثل من قَالَ: "أسألك بحق فلان" لأنه كما ذكر المُصْنِّف هنا لا مناسبة ولا ملازمة ولا علاقة بين هذين الأمرين فيقول المصنف: ففي قوله:"أسألك بحق ممشاى هذا وبحق السائلين عليك" هذا حق السائلين هو الذي أوجبه سبحانه عَلَى نفسه فهو الذي أحق لهم أن يجيبهم، وللعابدين أن يثيبهم.
والمصنف رَحِمَهُ اللَّهُ بنى الكلام عَلَى أساس افتراض صحة الحديث، والحديث غير صحيح فكلام المُصْنِّف هنا يجب أن يعلق عليه بأن الحديث غير صحيح وأن هذا الكلام عَلَى فرض صحته زيادة من علماء السنة رحمهم الله تَعَالَى في نفي أي استدلال لأهل البدعة بأي وجه من الوجوه، فأجابَ شَيْخُ الإِسْلامِ ابْن تَيْمِيَّةَ بهذا الكلام الذي لخصه المُصْنِّف هنا:
وهو أن الحديث لا دلالة فيه حتى عَلَى فرض صحته، ثم ذكر في ذلك قول الشاعر:
ما للْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌ وَاجِبٌ كَلاَّ وَلا سَعْيٌ لَدَيْهِ ضَائِعُ
نعم، ليس لأحدٍ من الخلق عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى حق واجب، وكذلك لا سعي ضائع لأحد منهم، لأنه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يظلم مثقال ذرة كما قَالَ: وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا [النساء:40] وقال أيضاً: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا [الأنعام:160] فهذا ميزانه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وهذه معاملته لعباده: "إن عذبوا فبعدله" فالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لا يظلم مثقال ذرة ولن يعذب الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى أحداً، إلا وهو مستحق لذلك.
فإن عذبوا فبعدله أو نعموا فبفضله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فهو الذي أعطاهم الهداية، وهو الذي وفقهم لكل خير وصلاح.