لقد مقت الله الْمُشْرِكِينَ، وكتب وأوجب عليهم الخلود ولعنهم من أجل الشرك، كما ذكر الله تَعَالَى في القُرْآن في سورة الأنعام في موضعين منها حقيقة ما يفعله المُشْرِكُونَ، فَقَالَ في أول آية: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:1] والعدل في اللغة العربية معناه: التسوية أو المساواة، فكان العربي إذا ركب البعير أو الدابة وضع هاهنا حملاً وهاهنا حملاً فتعادل، فلا يميل أحدهما عَلَى الآخر.

قَالَ: ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ أي: يساوون، وجاء في آخر السورة أيضاً وَهُمْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ [الأنعام:150] وهذا العدل الذي جَاءَ في سورة الأنعام جَاءَ في سورة الشعراء مُعبراً عنه بكلمة أخرى هي التسوية كما قال تعالى: تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ [الشعراء:97] لماذا استوجبتم النَّار؟ عافانا الله وإياكم من ذلك، يقولون:

إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ [الشعراء:98] فالعدل والتسوية هي الشرك بالله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ويكون العدل، وتكون التسوية، كما بين ذلك في سورة البقرة فقَالَ: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبّاً لِلَّهِ [البقرة:165] عدلوا بالله غيره وسووا بين الله وبين وغيره في المحبة التي هي أساس كل الأعمال، ومن ساوى بين الله وبين أحد من خلقه في المحبة والتعظيم والإجلال، اللذان لا ينشأن إلا عن محبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015