لقد انحرف كثير من النَّاس في مفهوم التوسل فوقعوا في التوسل بذوات المخلوقين، حتى بلغ بهم الأمر أن عبدوا أُولَئِكَ المخلوقين، وما كَانَ غرضهم في الأصل إلا أن يتوسلوا بذواتهم أو يتقربوا بهم إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

شرك قوم نوح

أقدم شرك وقع في بني آدم هو شرك قوم نوح، وذلك بسبب هذا الأمر، أنه كَانَ يوجد فيهم عباد وأولياء صالحون، "ود، وسواع، ويغوث، ويعوق، ونسراً" كما ثبت ذلك عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في حديث ابن عباس، وهَؤُلاءِ الصالحون قال قومهم لما ماتوا: كيف نتذكرهم؟ وكيف نعبد الله مثل عبادتهم ونتقرب إليه مثل تقربهم؟ فلو صورناهم فتذكرنا عبادتهم وتقواهم، فعبدنا مثل عبادتهم واتقينا مثل تقواهم، فلما صوروهم، ونسخ العلم، وجاءت الأجيال بعد الأجيال نسيت القضية الأساسية وهي التذكر وأصبحت توسلاً، فَقَالُوا: نتقرب بهَؤُلاءِ إِلَى اللهِ، ثُمَّ أصبحوا يعبدونهم من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ومن النَّاس من عبد الملائكة، ومنهم من عبد الكواكب، والهدف واحد مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3] الآية. أي: جعلناهم واسطة بيننا وبين ربنا عَزَّ وَجَلَّ، ووسيلة نتوسل بها إِلَى الله عَزَّ وَجَلَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015