"توحيده" الأولى مبتدأ، و"توحيده" الثانية خبر، فتوحيد الله لنفسه هو التوحيد [توحيده إياه توحيده] حقيقة توحيده هو ما وحد به نفسه لا ما وحده غيره.

ونعت من ينعته لاحد

أي أن وصف غير الله له سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى إلحاد، ونستطيع أن نرد عَلَى هذه الأبيات كما رد عليها ابن القيم في المدارج وهو قول الله تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ [آل عمران:18] ثُمَّ قال بعد ذلك:

وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ فأثبت الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أن الملائكة وأن أولى العلم وحدوه أي شهدوا له بالوحدانية فمن يقول: إنه لم يوحد الله أحد، وأن من وحده أو نعته فإنه ملحد جاحد، فهو مكذب لهذه الآية، فإن الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى قد بين أن عباده يوحدونه، بل إن ابن القيم رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يقول: "إن الأرض والسماء نفسها هذه هي التي تسبح الله وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء:44] فهي نفسها توحد الله وتعبده فهذا نقض لهذا الكلام الذي ذكر فيه أن لا شيء يوحد الله لا الأنبياء، ولا العباد الصالحون، ولا مخلوقات الله التي تسبح الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحده والآيتان دليل عَلَى بطلان هذا القول، والذي أوقع الهروي في هذا هو الغلو في فهم التوحيد، حتى ظن أن حقيقة التوحيد -الذي في ذهنه- أمر خفي عميق بعيد لا يدركه أحد، ومن هذا المنطلق -منطلق الغلو مع الابتعاد عن نصوص الكتاب والسنة- وقع فيما وقع فيه أهل الكتاب لقوله بهذا القول الذي تبطله الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015