فعندما يقول الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً [الإسراء:36] وكما في الآيات الأخرى التي تتحدث عن الأصنام والمعبودين من دون الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أنه ليس لهم سمع وليس لهم بصر، وكذلك الآيات التي تنفي السمع عمن يعبدون الأصنامإِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً [الفرقان:44] وأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يعطي العُمي الأبصار، ولا يعطي الصم الأسماع.

هذه كلها تدل عَلَى أن الله -عَزَّ وَجَلَّ- قد جعل الآيات الدالة عَلَى توحيده من هذه المنافذ العظيمة - منفذ السمع والبصر- فما يبصره الإِنسَان في هذا الكون من المخلوقات تنطق وتشهد بأنه لا إله إلا هو، وإن لم تتكلم بالكلام الحسي الذي نألفه ونعرفه.

دلالة الشهادة بالفعل

يقول المُصْنِّف -رَحِمَهُ اللَّهُ-: [ومما يدل عَلَى أن الشهادة تكون بالفعل] قوله تعالىمَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ [التوبة:17] فهذه شهادتهم عَلَى أنفسهم بما يفعلون من أعمال الكفر وأقواله - في بعض طبعات الكتاب نقص، والزيادة هي قوله: [بما يفعلون من أعمال الكفر وأقواله]- فهي شهادة بكفرهم، وهم شاهدون عَلَى أنفسهم بما شهدت عليهم] .

فلو أن إنساناً يأكل الحرام -أجارنا الله وإياكم- وفي يوم من الأيام وقف وتكلم عن تحريم أكل الحرام فإنك ستقول: شهد عَلَى نفسه، وإن لم يقل أشهد عَلَى نفسي.

ومثله ما قاله الله تَعَالَى عن الْمُشْرِكِينَ: (مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ فإن هذا الفعل منهم شهادة بكفرهم ودلالة عَلَى أنهم لم يوحدوا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015