وثالثاً: قوله: (لفسدتا) فلو فرضنا أن الفساد هو عدم الوجود فالآية تقول: لو كَانَ فيهما آلهة غير الله -عَزَّ وَجَلَّ- لفسدتا فعلى كلامكم: لو كَانَ هناك أرباب أخرى لبطل وجود السماوات والأرض؛ لأن الفساد عدم الوجود.

فأنتم تقولون: إنها دليل عَلَى أن الخالق في الابتداء هو واحد، والآية تتكلم عن شيء قد خلق ووجد، والفساد الذي يحصل فيه يكون بعد وجوده وخلقه، فهذا يوضح أنها ليست دليل التمانع الذي يقولون، وإنما هي دليل للألوهية وأنه متى عبد غير الله عَزَّ وَجَلَّ في السماوات أو في الأرض فإن الفساد يقع الذي هو ضد الصلاح، لأن السماوات والأرض لم تقم إلا بالعدل، وأعظم العدل هو التوحيد، وأعظم الظلم هوالشرك: إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ [لقمان:13] أي: أكبر الظلم.

فانتظام السماوات والأرض وصلاح أمر السماوات والأرض، لا يكون إلا بأن يكون المعبود هو الله، وليس فقط أن نقول أن الذي أوجدها هو الله، وقد قلنا: إن السماوات لا فساد لها؛ لأن المعبود فيها واحد -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَه [الزخرف:84] أي: هو الذي في السماء معبود، وفي الأرض معبود؛ لكنه في السماء معبود وحده -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- ليس ثُمَّ شرك بالله تعالى، فالملائكة كلهم عباد الرحمن المكرمون يعبدونه -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لا يَفْتُرُونَ [الأنبياء:20] .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015