والآية التي ذكرها المُصْنِّف رَحِمَهُ اللَّهُ: مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ [المؤمنون:91] هي حقيقة يقررها الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أنه ما اتخذ الله من ولد -كما يقول اليهود والنَّصَارَى وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ كما يقول جميع الْمُشْرِكِينَ "إذاً" نلاحظ الكلمة -كلمة "إذاً"- أي: لو كَانَ كذا وكذا إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ [المؤمنون:91] أي: لو افترض وجود ولد أو إله مع الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- عَلَى الحقيقة - كما تزعمون - لحدث الذي يحدث في حال ملوك الدنيا وهو مشاهد أنهم يتغالبون، ويحاول الملك أن يأخذ ما تحت قبضة الملك الآخر ليتفرد وحده بالملك، فإن عجز عن المغالبة فإنه ينفرد بملكه، ويتصرف في مملكته، ويتصرف الآخر في مملكته، فانتظام أمر العالم واتساقه واتفاقه ينبيء ويشعر ويدل عَلَى أن مدبره واحد وهو الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أما التعارض والتصادم والاختلاف فهو الذي ينبيء ويشعر بأن هناك عدة آلهة وأنَّ كلاً منهم يملك جزءاً من هذا الكون، وحينئذ فلا بد إما أن يكون هذا الإله يغالب الإله الآخر وإما أن يتفرد بجزء من الكون، وإما أن يكون لا وجود له بل يغلبه الإله الآخر ويأخذ ما عنده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015