فيقول كل منهم: يا رب لم آمرهم بعبادتي، ولم آذن لهم أن يعبدوني، وما دعوتهم إلا إِلَى التوحيد ولا علم لي بهذه العبادة، كما قال عيسى عَلَيْهِ السَّلام: مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ [المائدة:117] فإذا وقع الشرك في هذه الأمة وعملوا مثل ما اعتقد قوم عيسى في عيسى، وعظموا قبره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقبور الأولياء والصالحين من هذه الأمة، مثل ما عظم اليهود والنَّصَارَى، واتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، فهنا تنفع دعوة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأنه قد قَالَ: (اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد) فهذه براءة من الرَّسُول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وأنه لم يكن راضيا بذلك.

فهو لعلمه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأن ذلك سيقع تبرأ إِلَى الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: اللهم إني أبرأ إليك ممن سيتخذ قبري وثنا يعبد، فإن فعلوه واتخذوه فهذا أمر لم أرده ولم أرض به ولا أقره، مثل عيسى عَلَيْهِ السَّلام لم يُرد ولم يقر ولم يرض أن يعبده النَّصَارَى من دون الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (لا تطروني كما أطرت النَّصَارَىعيسى ابن مريم) ويقول كما في هذا الحديث: (لعن الله اليهود والنَّصَارَى اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد) .

فهذه الشبهة التي يتعلل بها دعاة الشرك القدامى منهم، والمعاصرون في قولهم: إن ما يفعلونه ليس وثنية وشركاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015