والتوحيد الذي جاءت به الأَنْبِيَاء هو: توحيد الألوهية، فكل ما جَاءَ في القُرْآن أو في دعوات الأَنْبِيَاء من بيان توحيد الربوبية، فهو ليبني عليه الإلزام بتوحيد الألوهية، وهكذا كانت العرب -كما ذكر المصنف- في الجاهلية يقرون بأن الله وحده لا شريك له، هو الإله الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي يدبر الأمر، ولكنهم اتخذوا من دونه آلهة أخرى لدعاوي عدة، إما أن هذه الآلهة تقربهم إِلَى الله تَعَالَى زلفى! فهو الإله الأكبر، وهذه الآلهة الصغرى واسطة بيننا وبين الإله الأكبر، كما كانوا يقولون في تلبيتهم: (لبيك لا شريك لك، إلا شريكاً هو لك، تملكه وما ملك) ووقع الشرك في الأمم بسبب تعظيم غير الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وإن كَانَ المقصود به عبادة الله، فأي بشر إن قدسته وعظمته بما يعظم به الله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- فقد أشركت به مع الله، وإن كانت النية في الأصل سليمة.

والله -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- خلق الخلق عَلَى الحنيفية كما قال الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسى عن عياض بن حمار في صحيح مسلم: (وإني خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين) فبقوا عَلَى الحنيفية عشرة قرون، كما ورد في تفسير ابن عباس عند قول الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِين فتقدير الآية: كان الناس أمة واحدة على التوحيد فاختلفوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015