نقل أبو غدة كلام شيخه الذي نقلنا موضوع الشاهد منه، نقله بحرفة، في التعليق على "الرفع والتكميل" "ص67 - 69"، ثم أشار إليه في مكان آخر منه ممجدا به ومكبرًا له بقوله "ص218":
"وانظر لزامًا ما سبق نقله تعليقًا فإنك لا تظفر بمثله في كتاب", ثم أعاد الإشارة إليه "ص223" مع بالغ إعجاب به, وظني به أنه يجهل -أن هذا التعريف للإيمان الذي زعم شيخه أنه الحق الصراح- مع ما فيه من المخالفة لما عليه السلف كما عرفت، مخالف لما عليه المحققون من علماء الحنفية أنفسهم الذين ذهبوا إلى: أن الإيمان هو التصديق فقط ليس معه الإقرار! كما في "البحر الرائق" لابن نجيم الحنفي "5/ 129"، والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارئ أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي، يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركنًا أصليًّا، ثم يتناسى أنهم يقولون: بأنه يزيد وينقص، وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقًا، بل إنهم قالوا في صدد بيان الألفاظ المكفرة عندهم: "وبقوله: الإيمان يزيد وينقص" كما في "البحر الرائق", "باب أحكام المرتدين"! فالسلف على هذا كفار عندهم مرتدون!! راجع شرح الطحاوية "ص338 - 360"، و"التنكيل" "2/ 362 - 373" الذي كشف عن مراوغة الكوثري في هذه المسألة.
وليعلم القارئ الكريم أن أقل ما يقال في الخلاف المذكور في المسألة أن الحنفية يتجاهلون أن قول أحدهم -ولو كان فاسقاً فاجرًا: أنا مؤمن حقًّا، ينافي مهما تكلفوا في التأويل التأدب مع القرآن ولو من الناحية اللفظية على الأقل الذي يقول: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا}.
فليتأمل المؤمن الذي عافاه الله تعالى مما ابتلى به هؤلاء المتعصبة، من هو المؤمن حقًّا عند الله تعالى، ومن هو المؤمن حقًّا عند هؤلاء؟!
المسألة السادسة:
ذهب "الإمام" شارح الطحاوية "ص351" إلى جواز