لأهل السنة والحديث، وإلا فليعلن براءته منه جملة وتفصيلا، فإن فعل, وما إخاله أخذنا بظاهر كلامه، ووكلنا سريرته إلى ربه سبحانه وتعالى.
وبعد هذا كله: أليس لنا أن نتساءل إذا كان أبو غدة بهذا البعد عن أهل السنة والتوحيد تبعا لشيخه الكوثري، حتى كان يعلن في حلب تكفير القائلين بأن الاستغاثة بغير الله كفر، كما سبق، فكيف طاب له المقام في البلاد السعودية هذه السنين حتى الآن، وهو يعلم أنهم هم الذين كان يعنيهم أصالة بتكفيره المذكور؟ فهل رجع هو عن تكفيرهم وعن القول بجواز الاستغاثة بغير الله، إلى القول الذي كان ينقمه عليهم: إن الاستغاثة كفر. وبذلك حصل الوئام، فطاب له المقام؟
فأقول: الجواب في قلب أبي غدة، ولكن الذي نعلمه عنه هو ما سبق ذكره، ومن القواعد الأصولية المقررة عند الحنفية وغيرهم قاعدة استصحاب الحال إلا لنص، ولما كان لا نص لدينا برجوع أبي غدة عن تكفيره المذكور، فالواجب علينا البقاء على ما نعلمه عنه، وعلى ذلك فلم يحصل الوئام المزعوم؛ لأن السعوديين -وخصوصا أهل العلم منهم- لا يزالون -والحمد لله- محتفظين بعقيدتهم في التوحيد، محاربين للشركيات والوثنيات، التي منها الاستغاثة بغير الله تعالى من الأموات، فكيف إذن طاب له المقام بين ظهرانيهم؟
الذي أتصور أنه لم يكن بينهم كما يجب أن يكون "المربي الناصح الرشيد"! يأمر بالمعروف، وينهي عن المنكر، ويبين لهم أن ما أنتم عليه من أمور منكر وضلال، منها إنكار قولهم: إن الاستغاثة بغير الله تعالى كفر، فإنه لو فعل، لكان أمر من ثلاثة أمور:
إما ان يقنعهم بضلالهم، بخطبة نارية يلقيها هناك، كما كان يفعل في بلده "حلب"، وهذا مستحيل.
وإما أن يقنعوه هو بضلاله بما عندهم من حجج ناطقة وأدلة قاطعة من كتاب الله وسنة رسوله، وهذا بعيد!
وإما أن تكون الثالثة ولا بد هي ... إلا أن يشاء الله تعالى.
ولما كان يعلم بأن النتيجة هو ما أشرنا إليه، وكان يستحب البقاء بين أظهرهم،