لَئِنْ أَمَّرْتُكَ لَتَعْدِلَنَّ؟ وَلَئِنْ أَمَّرْتُ عُثْمَانَ لَتَسْمَعَنَّ وَلَتُطِيعَنَّ؟ ثُمَّ خَلَا بِالْآخَرِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَخَذَ الْمِيثَاقَ، قَالَ: ارْفَعْ يَدَكَ يَا عُثْمَانُ، فَبَايَعَهُ، فَبَايَعَ لَهُ عَلَيٌّ، وَوَلَجَ أَهْلُ الدَّارِ فَبَايَعُوهُ"1.
وَعَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ أَخْبَرَهُ:
أَنَّ [الرهط] الَّذِينَ وَلَّاهُمْ عُمَرُ اجْتَمَعُوا فَتَشَاوَرُوا، قَالَ لَهُمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: لَسْتُ بِالَّذِي أُنَافِسُكُمْ عَنْ هَذَا الْأَمْرِ، وَلَكِنَّكُمْ إِنْ شِئْتُمِ اخْتَرْتُ لَكُمْ مِنْكُمْ؟ فَجَعَلُوا ذَلِكَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَلَمَّا وَلَّوْا عبد الرحمن أمرهم، فمال الناس على عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَتَّى مَا أَرَى أَحَدًا مِنَ النَّاسِ يَتْبَعُ أُولَئِكَ الرَّهْطَ وَلَا يَطَأُ عَقِبَهُ، وَمَالَ النَّاسُ عَلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُشَاوِرُونَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي، حَتَّى إِذَا كَانَتْ تِلْكَ اللَّيْلَةُ "الَّتِي" أَصْبَحْنَا فِيهَا فَبَايَعْنَا عُثْمَانَ، قَالَ الْمِسْوَرُ بْنُ مَخْرَمَةَ: طَرَقَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بَعْدَ هَجْعٍ مِنَ الليل، فضرب الباب حتى استقيظت، فَقَالَ: أَرَاكَ نَائِمًا؟! فَوَاللَّهِ مَا اكْتَحَلْتُ هَذِهِ الثَّلَاثَ بِكَبِيرِ2 نَوْمٍ، انْطَلِقْ فَادْعُ لِي الزُّبَيْرَ وَسَعْدًا، فَدَعَوْتُهُمَا "لَهُ"، فَشَاوَرَهُمَا ثُمَّ دَعَانِي، فَقَالَ: ادْعُ لِي عَلِيًّا، فَدَعَوْتُهُ، فَنَاجَاهُ حَتَّى ابهارَّ3 اللَّيْلُ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ عَلَى طَمَعٍ4، وَقَدْ كَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَخْشَى مِنْ عَلِيٍّ شَيْئًا5، ثُمَّ قَالَ: ادْعُ لِي عُثْمَانَ، "فَدَعَوْتُهُ"، فَنَاجَاهُ حَتَّى فَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْمُؤَذِّنُ بِالصُّبْحِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّاسُ الصُّبْحَ، وَاجْتَمَعَ أُولَئِكَ الرهط عند المنبر، فأرسل إِلَى مَنْ كَانَ حَاضِرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، وَ"أَرْسَلَ" إِلَى أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ، وَكَانُوا وَافَوْا تِلْكَ الْحَجَّةَ مَعَ عُمَرَ، فَلَمَّا اجْتَمَعُوا تَشَهَّدَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، يَا عَلِيُّ، إِنِّي قَدْ نَظَرْتُ فِي أَمْرِ النَّاسِ، فَلَمْ أَرَهُمْ يَعْدِلُونَ بِعُثْمَانَ فَلَا تَجْعَلَنَّ عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلًا، فَقَالَ لِعُثْمَانَ: أُبَايِعُكَ عَلَى سُنَّةِ [الله و] رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخَلِيفَتَيْنِ مِنْ بَعْدِهِ، فبايعه عبد الرحمن،