عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ"1.
وَالدَّلِيلُ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَا تَسَبَّبَ فِيهِ، الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ, أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الْحَشْرِ: 10]. فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِاسْتِغْفَارِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ قَبْلَهُمْ، فَدَلَّ عَلَى انْتِفَاعِهِمْ بِاسْتِغْفَارِ الْأَحْيَاءِ, وَقَدْ دَلَّ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ، وَالْأَدْعِيَةُ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ مُسْتَفِيضَةٌ, وَكَذَا الدُّعَاءُ لَهُ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ" 2. وَكَذَلِكَ الدُّعَاءُ لَهُمْ عِنْدَ زِيَارَةِ قُبُورِهِمْ، كَمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ، مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحَصِيبِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَلِّمُهُمُ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ أَنْ يَقُولُوا: "السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ الْعَافِيَةَ" 3. وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَيْضًا، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَقُولُ إِذَا اسْتَغْفَرَتْ لِأَهْلِ4 الْقُبُورِ؟ قَالَ: "قُولِي: السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والمسلمين، ويرحم الله المستقدمين منا [ومنكم] والمستأخرين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" 5.