قَوْلُهُ: "وَنُؤْمِنُ بِالْبَعْثِ وَجَزَاءِ الْأَعْمَالِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَالْعَرْضِ وَالْحِسَابِ، وَقِرَاءَةِ الْكِتَابِ، وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالصِّرَاطِ وَالْمِيزَانِ".
ش: الْإِيمَانُ بِالْمَعَادِ مِمَّا دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَالْعَقْلُ وَالْفِطْرَةُ السَّلِيمَةُ, فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، وَأَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ، وَرَدَّ عَلَى مُنْكِرِيهِ فِي غَالِبِ سُوَرِ الْقُرْآنِ. وَذَلِكَ: أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ1، فَإِنَّ الْإِقْرَارَ بِالرَّبِّ عَامٌّ فِي بَنِي آدَمَ، وَهُوَ فِطْرِيٌّ، كُلُّهُمْ يُقِرُّ بِالرَّبِّ، إِلَّا مَنْ عَانَدَ، كَفِرْعَوْنَ، بِخِلَافِ الْإِيمَانِ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ، فَإِنَّ مُنْكِرِيهِ كَثِيرُونَ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَانَ خَاتَمَ الْأَنْبِيَاءِ، وَكَانَ قَدْ بُعِثَ هُوَ وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ، وكان هو الحاشر المقفي, بين تفضيل الْآخِرَةِ بَيَانًا لَا يُوجَدُ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ. وَلِهَذَا ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُتَفَلْسِفَةِ وَنَحْوِهِمْ، أَنَّهُ لَمْ يُفْصِحْ بِمَعَادِ الْأَبْدَانِ إِلَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلُوا هَذِهِ حُجَّةً لَهُمْ فِي أَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّخْيِيلِ وَالْخِطَابِ الْجُمْهُورِيِّ.
وَالْقُرْآنُ بَيَّنَ مَعَادَ النَّفْسِ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَمَعَادَ الْبَدَنِ عِنْدَ الْقِيَامَةِ الْكُبْرَى فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ, وَهَؤُلَاءِ يُنْكِرُونَ الْقِيَامَةَ الْكُبْرَى، وَيُنْكِرُونَ مَعَادَ الْأَبْدَانِ، وَيَقُولُ مَنْ يَقُولُ مِنْهُمْ: إِنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِهِ إِلَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى طَرِيقِ التَّخْيِيلِ! وَهَذَا كَذِبٌ، فإن