الْعُلَمَاءِ: [مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يُعِيدُ]، وَمِنْهُمْ مَنْ قال: يُعِيدُ. وَمَوْضِعُ بَسْطِ ذَلِكَ فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ.
وَأَمَّا الْإِمَامُ إِذَا نَسِيَ أَوْ أَخْطَأَ، وَلَمْ يَعْلَمِ الْمَأْمُومُ بِحَالِهِ، فَلَا إِعَادَةَ عَلَى الْمَأْمُومِ، لِلْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ, وَقَدْ صَلَّى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَغَيْرُهُ وَهُوَ جُنُبٌ نَاسِيًا لِلْجَنَابَةِ, فَأَعَادَ الصَّلَاةَ، وَلَمْ يَأْمُرِ الْمَأْمُومِينَ بِالْإِعَادَةِ1, وَلَوْ عَلِمَ أن إمامه بعد فراغه كَانَ عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ، أَعَادَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ، خِلَافًا لِمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ, وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا لَا يَسُوغُ عِنْدَ الْمَأْمُومِ, وَفِيهِ تَفَاصِيلُ مَوْضِعُهَا كُتُبُ الْفُرُوعِ, وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ إِمَامَهُ يُصَلِّي عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ!! فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَهُ، لِأَنَّهُ لَاعِبٌ، وَلَيْسَ بِمُصَلٍّ.
وَقَدْ دَلَّتْ نُصُوصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعُ سَلَفِ الْأُمَّةِ أَنَّ وَلِيَّ الْأَمْرِ، وَإِمَامَ الصَّلَاةِ، وَالْحَاكِمَ، وَأَمِيرَ الْحَرْبِ، وَعَامِلَ الصدقة, يطاع فِي مَوَاضِعِ الِاجْتِهَادِ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُطِيعَ أَتْبَاعَهُ فِي مَوَارِدِ الِاجْتِهَادِ، بَلْ عَلَيْهِمْ طَاعَتُهُ فِي ذَلِكَ، وَتَرْكُ رَأْيِهِمْ لِرَأْيِهِ، فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْجَمَاعَةِ وَالِائْتِلَافَ، وَمَفْسَدَةَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، أَعْظَمُ مِنْ أَمْرِ الْمَسَائِلِ الْجُزْئِيَّةِ, وَلِهَذَا لَمْ يَجُزْ لِلْحُكَّامِ أَنْ يَنْقُضَ بَعْضُهُمْ حُكْمَ بَعْضٍ. وَالصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ صِحَّةُ صَلَاةِ بَعْضِ هَؤُلَاءِ خَلْفَ بَعْضٍ, يُرْوَى عَنْ أَبِي يُوسُفَ: أَنَّهُ لَمَّا حَجَّ مَعَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، فَاحْتَجَمَ الْخَلِيفَةُ، وَأَفْتَاهُ مَالِكٌ بِأَنَّهُ لَا يَتَوَضَّأُ، وَصَلَّى بِالنَّاسِ، فَقِيلَ لِأَبِي يُوسُفَ: أَصَلَيْتَ خَلْفَهُ؟ قَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ, يُرِيدُ بِذَلِكَ أَنَّ تَرْكَ الصَّلَاةِ خَلْفَ وُلَاةِ الْأُمُورِ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْبِدَعِ. وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يُصَلُّونَ لكم، فإن أصابوا فلكم ولهم، وإن أخطئوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ" 2, نَصٌّ صَحِيحٌ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخْطَأَ فَخَطَؤُهُ عَلَيْهِ، لَا عَلَى الْمَأْمُومِ, وَالْمُجْتَهِدُ غَايَتُهُ أَنَّهُ أَخْطَأَ بِتَرْكِ وَاجِبٍ اعْتَقَدَ أَنَّهُ لَيْسَ وَاجِبًا، أَوْ فَعَلَ مَحْظُورًا اعتقد أنه ليس محظورا, ولا يحل