إِذْ أَطْمَعَهُ [فِي] أَنْ يَكُونَ مَلَكًا بِقَوْلِهِ: {مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ} [الْأَعْرَافِ: 20]. فَدَلَّ أَنَّ أَفْضَلِيَّةَ الْمَلَكِ أَمْرٌ مَعْلُومٌ مُسْتَقِرٌّ فِي الْفِطْرَةِ، يَشْهَدُ لِذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى، حِكَايَةً عَنِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ عِنْدَ رُؤْيَةِ يُوسُفَ وَقُلْنَ: {حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ} [يُوسُفَ: 31]. وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ} [الْأَنْعَامِ: 50]. قَالَ الْأَوَّلُونَ: إِنَّ هَذَا إِنَّمَا كَانَ لِمَا هُوَ مَرْكُوزٌ فِي النفس: أَنَّ الْمَلَائِكَةَ خَلْقٌ جَمِيلٌ عَظِيمٌ، مُقْتَدِرٌ عَلَى الْأَفْعَالِ الْهَائِلَةِ، خُصُوصًا الْعَرَبَ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ كَانُوا فِي نُفُوسِهِمْ مِنَ الْعَظَمَةِ بِحَيْثُ قَالُوا إِنَّ الْمَلَائِكَةَ بَنَاتُ اللَّهِ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ قَوْلِهِمْ علوا كبيرا.