وَقَدْ سَافَرَ مُوسَى وَفَتَاهُ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ إِلَى الْخَضِرِ، وَتَزَوَّدَ لِذَلِكَ، وَطَلَبَ مُوسَى مِنْهُ الْعِلْمَ صَرِيحًا، وَقَالَ لَهُ الْخَضِرُ: إِنَّكَ عَلَى عِلْمٍ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، إِلَى آخِرِ كَلَامِهِ. وَلَا الْهُدْهُدُ أَفْضَلَ مِنْ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِكَوْنِهِ أَحَاطَ بِمَا لَمْ يُحِطْ بِهِ سُلَيْمَانُ عليه السلام [عِلْمًا].

وَمِنْهُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]. قَالَ الْآخِرُونَ: هَذَا دَلِيلُ الْفَضْلِ لَا الْأَفْضَلِيَّةِ، وَإِلَّا لَزِمَ تَفْضِيلُهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِنْ قُلْتُمْ: هُوَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ؟ فَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، بَلْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِذَا قِيلَ لِآدَمَ: "ابْعَثْ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ بَعْثًا إِلَى النَّارِ"، "يَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ إِلَى النَّارِ، وَوَاحِدًا إِلَى الْجَنَّةِ" 1. فَمَا بَالُ هَذَا التَّفْضِيلِ سَرَى إِلَى هَذَا الْوَاحِدِ مِنَ الْأَلْفِ فَقَطْ.

وَمِنْهُ: قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: مَا خَلَقَ اللَّهُ خَلْقًا أَكْرَمَ عَلَيْهِ مِنْ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ2، الْحَدِيثَ، فَالشَّأْنُ فِي ثُبُوتِهِ وَإِنْ صَحَّ عَنْهُ فَالشَّأْنُ فِي ثُبُوتِهِ فِي نَفْسِهِ، فَإِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْإِسْرَائِيلِيَّاتِ.

وَمِنْهُ: حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ الْمَلَائِكَةَ قَالَتْ: يَا رَبَّنَا، أَعْطَيْتَ بَنِي آدَمَ الدُّنْيَا يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَيَلْبَسُونَ، وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ، وَلَا نَأْكُلُ وَلَا نَشْرَبُ وَلَا نَلْهُو، فَكَمَا جَعَلْتَ لَهُمُ الدُّنْيَا فَاجْعَلْ لَنَا الْآخِرَةَ؟ قَالَ: لَا أَجْعَلُ صَالِحَ ذُرِّيَّةِ مَنْ خَلَقْتُ بِيَدِي كَمَنْ قُلْتُ لَهُ: كُنْ فَكَانَ"3. أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ. وَأَخْرَجَهُ عَبْدُ اللَّهِ بن أحمد بن محمد بن حنبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015